كيفية التعامل مع عادات الطفل العصبية
هل أصبح لطفلك عادة لا تستطيعين تفسيرها ولا تعلمين كيف تتعاملين معها؟ قد يرتبط طفلك بعادة من العادات العصبية مثل قضم الأظافر، إدخال إصبعه في أنفه، لف خصلة من شعره على إصبعه، وضع شعره في فمه، أو التلعثم، وقد يرجع ذلك لعدة أسباب. من الضروري ألا يتجاهل الأبوان هذه العادات بل يجب أن يحاولوا البحث عن سببها وكيفية التعامل معها.
لماذا يصاب الأطفال بعادات عصبية :
تقول د. جوزيت عبد الله – أستاذ مساعد الطب النفسي – أن الضغط النفسي هو السبب الرئيسي وراء هذه العادات. فقد يصاب الأطفال بهذه العادات العصبية لعدم استطاعتهم التعبير عن قلقهم ومخاوفهم سواء لأنفسهم أو لأي شخص آخر، فالعادات العصبية تساعدهم في التغلب على القلق والبقاء هادئين في المواقف الصعبة. إن لجوء الطفل لهذه العادات هو أسلوبه في إخبار أبويه، مدرسيه، أو أي شخص كبير آخر أنه يحتاج إلى الاهتمام والمساعدة. و بالتالي فهذه العادات هامة جداً لأنها تظهر للأبوين أن هناك مشكلة تزعج الطفل، ويجب أن يحاولوا التعرف عليها.
كيف يتم التعامل مع العادات العصبية؟
التخلص من عادة معينة ليس أمراً سهلاً، فحتى الكبار يعانون إذا ما حاولوا التخلص من عادة معينة مثل التدخين على سبيل المثال. أحياناً يستسهل الأبوان السكوت على عادة طفلهما ويتركاه يأخذ وقته لعله يتغلب عليها بدلاً من اتخاذ خطوات لمساعدته، ولكن بالوقت والصبر يمكن أن تساعدا طفلكما في التغلب على عادته السيئة، وتشرح د. جوزيت كيف:
• كونا هادئين :
تنصح د. جوزيت الأبوين بأن يتعاملا بهدوء قدر الإمكان مع عادة طفلهما العصبية دون إعطائها اهتماماً شديداً. وتضيف أن العادات العصبية أمراً شائعاً عند الأطفال الصغار ولأن الطفل الصغير لا يكون على دراية بما يفعل، فيجب ألا يعاقب أو يلام على ذلك. العصبية مع الطفل ستربكه فقط، والضغط على الطفل للتوقف عن العادة السيئة سيزيد فقط من ضغطه النفسي.
• تعرفا على السبب :
يجب أن يركز الأبوان على معرفة سبب العادة السيئة بدلاً من التركيز على العادة نفسها، فيجب أن يفكر الأبوان: ما الذي يضايق الطفل؟ هل حدث أي تغير في بيئته مؤخراً؟ فالتغيرات التي قد لا تبدو ملحوظة أو قد تبدو غير هامة في نظر الأبوين، قد تمثل بالنسبة للطفل أمراً أساسياً. على سبيل المثال، مولد طفل جديد في الأسرة، الانتقال إلى بيت جديد، سفر أحد الوالدين للعمل، الانتقال إلى مرحلة مدرسية جديدة، كل هذه أمور قد تزعج الطفل. كثيراً ما يستحق الأمر أخذ رأى شخص من خارج الأسرة يهتم بالطفل ويستطيع أن يتحدث بصراحة مع أبويه. فلأنه لا يكون له دخل مباشر بالمشكلة غالباً ما يكون قادراً على رؤية الأشياء بشكل أكثر وضوحاً عمن هم في المشكلة.
• عبرا عن حبكما ومساندتكما لطفلكما :
من المهم أن تتأكدا من أن طفلكما يشعر بأنه محبوب بغض النظر عن أي عادة عصبية لديه. فبمنح طفلكما الكثير من الحب والمساندة، يمكنكما مساعدته في التغلب على المشكلة. أريحا طفلكما بالكلام وطمئناه إلى أنكما ستكونان دائماً معه. توضح د. جوزيت أنه إذا احتاج الطفل للوم أو التأنيب على سوء سلوكه في موقف معين، فيجب أن يكون نقد الأبوين للسلوك السيئ فقط وليس للطفل ككل. فكثيراً عندما يتعصب الآباء يقومون بنقد أطفالهم والتعليق بكلام مثل: "أنت غبي"، أو "لا أحتمل رؤيتك"، أو "أخوك أفضل منك"، .. الخ، ولكن الآباء يجب أن يعلموا أن الطفل لا يعرف البديل السليم لسلوكه السيئ وكل ما ستفعله الإهانة هي أنها ستقلل من تقديره لذاته.
• متى يجب أن يقلق الأبوان من العادات العصبية؟
توضح د. جوزيت أنه عندما تصبح العادة العصبية واضحة لدرجة أنها تؤثر على حياة الطفل الأكاديمية والاجتماعية فذلك أمر يبعث على القلق وقد يحتاج إلى علاج نفسي.
التعامل مع التلعثم :
التلعثم من أكثر العادات العصبية التي تقلق الأبوين. كثير من الأطفال الصغار وحتى سن دخول المدرسة يتلعثمون عندما يكونون في مرحلة تعلم الكلام. فقد يكررون أصوات معينة، لزمات معينة، أو كلمات قصيرة، وقد يترددون أيضاً بين نطق كل كلمة وأخرى. قد يظهر التلعثم بشكل أوضح عندما يكون الطفل متحمساً، مرهقاً بشدة، أو يعانى من ضغط نفسي. قد لا يلاحظ الطفل نفسه سلوكه أو يكون له أي رد فعل تجاهه. إن معظم الأطفال الذين يعانون من التلعثم في الكلام يتخطون تلك المرحلة ويتكلمون بشكل طبيعي كلما كبروا.
تقول د. جوزيت أن الأسباب التي تؤدى إلى التلعثم هي نفس الأسباب التي تؤدى إلى العادات العصبية الأخرى، وتضيف أنه ليس صحيحاً أن الطفل الذي يعانى من التلعثم قدراته الذهنية أقل من غيره، فبعض الأطفال يكونون في غاية الذكاء ولكن عضلاتهم المسئولة عن الكلام لا تستطيع متابعة سرعة تفكيرهم. عندما يكون التلعثم واضحاً ومستمراً، فهذا يشير إلى وجود شيء يزعج الطفل وقد يساعد العلاج النفسي في التعرف على السبب الكامن وراء ذلك. ينصح بالتعامل مع تلك المشكلة في المراحل المبكرة لتجنب تطورها.
ماذا يفعل الأبوان؟
إن التعامل مع التلعثم لا يختلف عن التعامل مع أي عادة عصبية أخرى. فيجب التعرف على السبب، التعبير للطفل عن حبكما ومساندتكما له، والالتزام بالهدوء لكي تستطيعا مساعدة طفلكما في التغلب على المشكلة. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري إتباع الخطوات الآتية:
• لا تحاولا التصحيح أو التدخل أثناء حديث طفلكما، واطلبا أيضاً من الآخرين عدم التصحيح له.
• لا تطلبا من طفلكما أن يكرر ما قاله أو أن يبطئ من سرعة كلامه. أعطياه الوقت الذي يحتاجه لكي يقول ما يريد.
• لا تجعلا طفلكما يتدرب على قول كلمات أو أصوات معينة.
• تحدثا إلى طفلكما كثيراً، يمكنكما مناقشته فيما مر به أثناء اليوم، وتحدثا إليه عما فعلتماه أنتما، واقرءا كتب معه.
• احرصا على التحدث إلى طفلكما ببطء وبوضوح.
• حاولا تقليل الضغط النفسي أو المواقف التي تثير التلعثم عند الطفل.
إن هدوئكما ومنحكما المساندة والحب لطفلكما سيساعده في التغلب على عادته العصبية. تذكرا أنه ليس من السهل التخلص من العادات، فيجب أن تتمتعا بالصبر والتفاهم معه.