محمود المسلمي
بي بي سي، دبي
هل ركبت المترو الجديد في دبي؟ تساؤل طاردني منذ اليوم
الاول لوصولي الي دبي سواء من زملائي في لندن لدي اتصالهم بي أو ممن
قابلتهم في دبي من الاصدقاء والصحفيين والاقتصاديين ايضا.
فقد
قدمت دبي للعالم معلما جديدا ارتبط باسمها بافتتاح اول خط مترو يسير آليا
في الشرق الاوسط بل الأطول من نوعه في العالم اي بدون سائق بطول سبعين
كيلومترا.
انه مرة اخرى غرام هذه الامارة
الصغيرة التي يدفعها طموحها الى الاستحواذ علي عدد كبير من الارقام
القياسية وهو يعكس غراما عربيا - ربما - باستخدام افعل التفضيل حتى عند
افتتاح دار حضانة متواضعة في قرية نائية حيث يتمطع المسؤول ويصرح بان فيها
"احدث" اساليب التكنولوجيا للتعليم ورعاية النشىء.
وللحق
فان دبي تخرج عن هذا السياق لتقدم ارقاما قياسية بمعايير عالمية، فاكبر
برج في العالم فيها بارتفاع حوالي 860 مترا سيفتتح اواخر العام. كما ان
فيها اكبر تجمع لمن يحملون اسم محمد في مدينة واحد .
ركوب المترو المهم
توكلت علي الله وركبت المترو تحديدا من محطة خالد بن الوليد على الشارع
الذي يحمل الاسم نفسه وقرب مركز برجمان التجاري الضخم، الذي يتيه بسبع
شجرات زيتون يقولون انها الاقدم في العالم، حيث يزيد عمر بعضها عن قرن من
الزمان وجيئ بها من صقلية الى دبي خصيصا .
ثمن
تذكرة ركوب المترو من هنا الى محطة النخيل 11 درهما في الدرجة العادية
ترتفع الي ثلاثين في الدرجة الممتازة . الفخامة هي اول ما يلفت الانتباه
وعلى اتساع الافق الممتد في المحطات المختلفة، صور من تاريخ دبي والامارات
على الجداريات ترى من خلالها الصحراء والجبال والزروع الي جانب صور كبيرة
لقادة الامارات.
عند شراء تذكرتي تحدثت الى موظفة فلبينية من وراء الزجاج عبر نظام صوتي واضح وجلي.
الناس
يلتزمون بالطوابير وبالهدوء والانضباط، والمح في كل المحطات حضورا للشرطة
لكنه يلحظ من بعيد. عربات المترو فسيحة نظيفة بها اماكن اكثر للوقوف،
والألوان هادئة وهي مزيج من الابيص والسماوي الفاتح والرمادي. ولا بد ان
اعترف بانها مريحة للاعصاب.
ولا تجد حتي الان اماكن مخصصة للمعاقين او كبار السن لكن التدخين ممنوع كما ان التكييف يكاد يكون باردا متحديا حرارة الجو في الخارج.
الشاشات الالكترونية تعلن عن المحطات واحدة تلو الاخرى الى جانب الاعلانات الصوتية بالعربية والانجليزية.
اما الركاب فكانوا مزيجا من كل الجنسيات ومن الرجال والنساء رغم وجود عربة مخصصة للنساء الاطفال.
بدا الجميع مبتسمين ضاحكين. وبدا بعض الشباب من الاماراتيين بالحديث الي عندما رأوا معي جهاز التسجيل. رحبوا بالحديث الى بي بي سي .
قال
احدهم ان هذا المترو اجمل من مترو لندن وباريس وغيرها. لكنهم يطالبون
بمزيد من المقاعد في داخل العربات وتلك المتوفرة في المحطات.. واحدهم طالب
بتخفيض الاضاءة في العربات ليتسنى الاستمتاع بالمشاهد الخارجية خاصة اثناء
الليل. وعندما قلت له: لماذا لا يترك الضوء لمن يريدون القراء، رد بالقول:
فليقراوا في بيوتهم!
الجميع يتطلع الي حل مشكلة الاختناق المروري في دبي وانسياب الحركة في شورعها وتسهيل الوصول الى الاعمال والاماكن المختلفة.
ولم يجد هؤلاء المواطنون غضاضة من الترحيب بتقسيم العربات الى ممتازة وعادية بحيث لا يختلط العمال الاسيويون بغيرهم.
المهم الانطباع العام هو الفرحة والبهجة فالمترو "عندنا في دبي"، هكذا هو لسان حال الجميع هنا في المترو.
والأطرف
ان الكثيرين يتجمعون في العربة الاولى وفي الموقع المفترض للسائق غير
الموجود وكانهم يتأكدون من عدم وجود سائق للقطار او يجلسون مكانه المفترض
وربما يتجمع العشرات في المقدمة لهذا الغرض .
عاملة فليبينة بزي انيق تبدو مهمتها التفتيش على التذاكر مع الركاب، لكنني لم ارها تسال احدا.
التساؤلات
كانت عديدة: هل سيترك الاماراتي العادي سيارته الفارهة في الاماكن
المجانية في محطات المترو ليستقله الى العمل ويعود ادراجه.
انه السؤال الاهم والاجابة تنوعت وعموما كان الاجماع بضرورة الانتظار حتي يتعودوا على ذلك النمط.
المترو اختياري وبعد
ان دفعت دبي سبعة أو ستة من عشرة مليار دولار بزيادة قدرها ثلاثة مليارات
دولار عن المقرر في البداية وذلك لتطوير الخط الاخضر والذي لم يعمل بعد،
وكذلك محطات الخط الاحمر الذي بدأ تشغيله هل سيتغير وجه الحياة في هذه
والامارة وكيف تبدو ثقافة المترو ؟
تعبير
كرره لي احمد الابراهيم رئيس تحرير نشرة "تداول" الاقتصادية في تلفزيون
دبي. وقال ان ذلك "يحتاج وقتا وان حكومة دبي المحلية خصصت ملايين الدراهم
لحملة تشجع المواطنين على استخدام خطوط المترو والتي سوف تكتمل مستقبلا".
وبالفعل تنتشر في دبي اعلانات تقول المترو اختياري بالعربية والانجليزية .
لم
استطع مقاومة الاستمتناع بالرحلة وبدا فضولي الصحفي في الاسئلة للبعض -
حشرية - لا اكثر، فهم مستمتعون فرحون وبدت لي رحلاتهم خاصة الليلية هي
للتنزه والاستمتاع بهذا المشروع الذي افتتح في توقيت رمزي ذي دلالة وهو
اكتمال عام على الازمة المالية التي هزت العالم وهزت دبي التي تبدو مصرة
علي التعافي وتكملة المشوار على صعوبته.