[color=green]محاسن الإسلام
إن دين الإسلام الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - أكمل الأديان وأفضلها، وأعلاها وأجلّها، وقد حوى من المحاسن والكمال والصلاح والرحمة والعدل والحكمة ما لم يشتمل عليه غيره.
ومن هذه المحاسن:
أ d]- التكافل الاجتماعي:
التكافل في الإسلام شامل للتعاون على الدعوة إلى الخير وإزالة المنكر وحماية الضعفاء، ورزق الفقراء والمعوزين بما يكفيهم، والإحساس الدقيق بكل ما يصيب الجماعة.
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} سورة المائدة: 2.
ومن أنواع التكافل الاجتماعي:
1) الزكاة:
وسيلة رئيسية لتحقيق العدالة الاجتماعية في الإسلام، وقد جعلها ركناً من أركان الدين وضرورة من ضرورات الإيمان، ولأهميتها قرنت بالصلاة في عشرات المواضع من القرآن والحديث، قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} سورة البقرة : 43، وقال سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ} سورة الحج : 41. والزكاة وسيلة من وسائل الضمان الاجتماعي الذي جاء به الإسلام، فإن الإسلام يأبى أن يوجد في مجتمعه من لا يجد القوت الذي يكفيه، والثوب الذي يزينه ويواريه، والمسكن الذي يؤويه، فهذه ضرورات يجب أن تتوافر لكل من يعيش في ظل الإسلام.
2) الصدقة:
زيادة على الزكاة يوجه الإسلام إلى الصدقة والبر، ويحبب في الإنفاق طوعاً وانتظاراً لرضى الله وعوضه في الدنيا ولثوابه في الآخرة، واجتناباً لغضبه ونقمته وعذابه قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} سورة الحديد:11، وقال - صلى الله عليه وسلم - : "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً" رواه مسلم.
وقد رغب الإسلام ترغيباً يشرح صدر الكريم، ويدفع البخيل إلى العطاء، فالله تعالى يتقبل الصدقة بيمينه، ويربيها لصاحبها كما يربي أحدنا مهره حتى تصير الثمرة مثل جبل أحد.
3) النفقات:
أوجب الإسلام على رب الأسرة أنواعاً من النفقات، كالنفقة على الزوجة، والنفقة على الأولاد، والنفقة على من ولي أمرهم من والدين عاجزين أو عبيد تحت يده. وله مع ذلك الحق الذي يؤديه صدقة وأجراً إذا هو احتسب ذلك قال - صلى الله عليه وسلم - : نفقة"إذا أنفق المسلم على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة" رواه البخاري. وقال أيضاً: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول" رواه البخاري.
4) حقوق المسلمين:
الزكاة ليست هي الحق الوحيد في المال، بل هي الحق الدوري الثابت الذي وصل به الإسلام إلى أعلى درجات الإلزام، ثم هناك حقوق أخرى تقتضيها الظروف، وتجوبها الحاجات، وتوكل في الغالب إلى ضمير المسلم ومشاعره الزكية التي رباها الإسلام، فليس لها قدر محدد ولا زمن معين.
فإذا لم تقم حصيلة الزكاة بتحقيق تمام الكفاية للفقراء والمساكين، وجب على أغنياء كل بلد أن يقوموا بكفاية فقرائهم، وإن لم يفعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم، ألزمهم السلطان بذلك باسم الشرع الذي أوجب التكافل بين المسلمين، واعتبرهم كالبنيان المرصوص أو كالجسد الواحد، وليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع.
ب- حب العمل:
1 الأدلة على شرف العمل وفضله:
العمل نوع من العبادة بمعناها العام، فقد خلق الإنسان ليعمر هذه الأرض بالخير وللخير، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} سورة الملك : 15، وقال سبحانه: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} سورة هود: 61.
وقد رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمل وحض عليه أصحابه فقال: "لأن يحتزم أحدكم حزمة من حطب، فيحملها على ظهره فيبيعها، خير له من أن يسأل رجلاً يعطيه أو يمنعه" رواه مسلم.
ولا يترك المسلم العمل بحجة الانقطاع الكامل لعبادة الله؛ لأن سعي الإنسان للحصول على الرزق حتى يكفي نفسه وأهله نوع من العبادة.
روي أن عمر - رضي الله عنه - رأى بعد الصلاة قوماً قابعين في المسجد بدعوى التوكل على الله فعلاهم بدرته، وقال كلمته المشهورة: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة.
2 أحوال الأنبياء والصالحين وسعيهم في العمل:
كان الأنبياء جميعاً يعملون ويأكلون من كسب أيديهم، بشهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "ما بعث الله نبياً إلا ورعى الغنم. قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة" رواه البخاري.
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" رواه البخاري.
وهكذا كان شأن أئمة الإسلام وأعلامه والصالحين، ولذلك سمُّوا بالبزاز والقفال والزجاج والخراز والقطان والجصاص وغير ذلك.
ج - الضرورات الخمس:
الضرورات الخمس هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل والعرض، وحفظ المال. وهذه الضرورات هي أعلى مراتب المقاصد الشرعية، بل هي الغاية الأولى من نزول التشريع، ولابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، فإذا فقدت اختلت الحياة الإنسانية.
1 حفظ الدين:
والمراد به الإيمان والنطق بالشهادتين والصلاة والزكاة.. وما أشبه ذلك من أصول الدين التي إذا ذهبت لم يبق الدين بعد ذهابها.
ولذلك شرع الإسلام الكثير من التشريعات الهدف منها حفظ الدين من الزوال، فمن ذلك الجهاد للدفاع عن الدين، وحد الردة، وغير ذلك، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} سورة الأنفال: 39.
2 حفظ النفس:
ومن أجل المحافظة على النفس جاءت آيات كثيرة تنذر بأشد العذاب على من اعتدى على نفس بغير حق، قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} سورة الأنعام : 151، وقال - صلى الله عليه وسلم - :"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة" متفق عليه.
- ومن أجل المحافظة على النفس شرع الإسلام القصاص في القتل العمد العدوان، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} سورة البقرة: 178، كما شرع الدية والكفارة في قتل الخطأ.
3 حفظ العقل:
ومن أجل المحافظة على العقل حرم الإسلام تناول المسكرات والمخدرات وأكل السموم والنجاسات؛ لأنها تؤدي إلى ذهاب العقل وفساده. وجعل الإسلام عقوبة انتهاك حرمة العقل رادعة وزاجرة حتى يفكر المقدم على هذه المفسدات المهلكات في العاقبة فيتراجع ويجنب نفسه الهلاك أو العقوبة.
4 حفظ النسل والعرض:
إن حماية الأعراض وصيانة كرامات الناس، والمحافظة على حرماتهم لها في الإسلام شأن كبير، وقد أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - على حرمة العرض وقرنها بحرمة الدماء والأموال حين أعلن في حجة الوداع أمام الجموع المحتشدة في البلد الحرام: "إن الله حرم عليكم دماءكم وأعراضكم وأموالكم" رواه البخاري ومسلم.
ومن أجل المحافظة على النسل والعرض شرع الإسلام النكاح، وأقام حد الزنا وحد القذف وحد اللعان.
5 حفظ المال:
ومن أجل المحافظة على المال شرع الإسلام الانتفاع بالأعيان والمنافع، وانتقالها بعضو أو بغير عوض، كما شرع حد السرقة وضمان قيم المتلفات.. أيضاً شرع لصاحب المال الحق في أن يدافع عن ماله ولو قتل دونه، قال - صلى الله عليه وسلم - : "من قتل دون ماله فهو شهيد" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
د - الحريات وحفظ الشريعة لها: قرر الإسلام حقوقاً للإنسان بمقتضى فطرته الإنسانية، وجعلها حقوقاً ثابتة دائمة بحكم الطبيعة والشريعة، ومن هذه الحقوق: حق التملك، وحق إبداء الرأي، حق الحياة، حق الكرامة، حق التفكير، حق التدين والاعتقاد، حق التعلم، حق الأمن .. وغير ذلك.
حق التملك:
احترم الإسلام حق الملكية واعتبره حقاً مقدساً، لا يحل لأحد أن يعتدي عليه بأي وجه من الوجوه، ولهذا حرم السرقة والغضب والغش وتطفيف الكيل والوزن والرشوة.. واعتبر كل مالٍ أخذ بغير سبب مشروع أكلاً للمال بالباطل.
وشرع للإنسان أن يدفع عن ماله بكل قوة حتى وإن لزم الأمر إلى مقاتلة من يريد أخذ ماله. عن أبي هريرة أن رجلاً قال: "يارسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: لا تعطه. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار" رواه مسلم.
حق إبداء الرأي:
من أهم القيم الإسلامية الحرية؛ لأنها فطرة الله التي فطر الإنسان عليها، وقد جاء الإسلام ليضمن الحرية للإنسان، حيث أعلن الحرية الدينية وكفلها للناس بصورة لم تعهدها الإنسانية قديماً أو حديثاً، فلم يكره أحداً على ترك دينه والدخول في الإسلام، وترك الحرية لأصحاب الديانات الأخرى من أهل الكتاب أن يمارسوا شعائرهم وعباداتهم في المجتمع الإسلامي، فلم تهدم لهم كنيسة، ولم يكسر لهم صليب، كما ترك لهم الحرية فيما أباحت لهم أديانهم من الطعام وغيره، وأعطاهم الحرية في قضايا الأحوال الشخصية من الزواج والطلاق والنفقة وغيرها.
كذلك أطلق الإسلام حرية التعبير وإبداء الرأي سواء باللسان أو القلم، وحض الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على أن يقولوا الحق مهما كانت الظروف وأن لا تأخذهم في ذلك لومة لائم، حيث قال - صلى الله عليه وسلم - : "الساكت عن الحق شيطان أخرس".
والشيء الوحيد الذي حرمه الإسلام هو حرية التكفير والدعوة إلى إضعاف الدين والخلق أو الترويج للإلحاد والزندقة، فإنها دعوة خبيثة يجب مصادرتها والحجز عليها.